في ذلك المكان الذي اعتدت الجلوس فيه..
قصدت وجهتي..
جلست تحت ضوءٍ خافت لا تكاد ترى به
إلا لمعان الدمعة فوق الوجنتين ..
في ذلك الركن المظلم من غرفتي..
جلست وحدي أصارع ألامي..
أصارع وحدتي..
أصارع ظلم البشر..
أصارع نفسي..
أتحدث ولا أجد من يسمع..
فأنا وحدي..
أصمت..
وأصمت..
وأعاود الحديث مع قلبي..
لماذا ألمح الحزن داخلك أيها القلب الحزين؟؟
لماذا أرى نزف ألمك دوماً..
لماذا لا ألمح الفرحة تغمرك؟؟
يجيبني بهمسةٍ تقتلني..
إني أنزف من غدرٍ وقهر..
إني أنزف من ظلمٍ وكبت ..
إني أنزف وسأظل أنزف..
بل لن يتوقف نزفي للأبد..
إني غدوت في زمنٍ امتزج فيه الكذب بالصدق..
في زمنٍ طغت فيه الخيانة على الوفاء..
في زمنٍ بات فيه الغدر عنواناً لنا ..
في زمنٍ أصبح الجرح فيه هواءاً نتنفسه ..
آهٍ يا قلبي!!
لو كان لنزفك دماءٌ ظاهرة..
لغرقت بها..
ولو بقي دمعي رطباً لا يجف ..
لغرق عالمي به..
فأمزج دماء قلبي بدمع عيني..
وأبقى غريقا في بحر الحياة..
أذوق مرارة الجرح..
و ألم الفراق..
بل ألم الغدر بروحي ..
سيبقى جرحي ينزف بلا توقف..
في رحلةٍ طويلة .. لا أعلم مداها..
أقاسي ظلمة الليل..
وعطش السنين ..
وأقاسي أيامي ..
وآلامي..
وأقف..
أقف ..
بلا سبب..
ثم أعاود المشي مجدداً في تلك الرحلة..
فلا أجد محطةً لي..
ألتمس فيها الراحة والأمان..
ولا أجد ما يروي عطشي..
ويمسح دمعتي..
ويداوي ألمي..
فأمشي..وحيداً.كما بدأت..
وبينما أنا كذلك..
غارقٌ في حديثي مع قلبي.. ونفسي..
ألمحُ بقعة ضوءٍ خافتة..
تدخل من نافذتي..
تفقدتها..
فإذا هي خيطٌ من خيوط الشمس..
قد دخل عالمي..
لمحتها..
تبسمت لنفسي..
وهمست لقلبي..
أُنظر..
ها قد بدأنا يوماً جديداً..
لنقاسي مجدداً ..
يا ترى هل سينجلي ضوء الشمس يوماً ؟؟
معلنا نهاية المطاف؟؟
أم سيحل الليل كما حل البارحة..
وتغمرني الظلمة مجدداً؟؟
وتغمرني الدموع؟؟
وأعود كما بدأت في ذلك الركن؟؟
أظهرت لنفسي بعض الشجاعة والشموخ..
وقلت لن أعود..
ولن أقاسي الليل..
وسأرمي بألمي عرض الحائط..
فانتظرت المساء لأثبت شموخي وعزتي..
فإذا بي أترك ذلك الركن ..
سعيداً ..
فرِحاً..
بانتصاري على نفسي..
وودعت ذلك الركن الذي عاش معي كل لحظةٍ بحياتي..
وفجأة..
أخذتني خطواتي..
بلا شعور..
إلى ركنٍ مظلمٍ آخر من الغرفة..
جلست..
وبدأت القصة معه..
واستسلمت نفسي..
لكني ضحكت..
وأيقنت أن لا مكان لي إلا هنا..
وعدت كما كنت.